الحمد لله القائل في كتابه الكريم: "الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" الرعد28 و أصلي و أسلم على سيدنا محمد سيد الذاكرين القائل : "سبق المفردون" قالوا: و ما المفردون يا رسول الله؟ قال "الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات". رواه مسلم.
تعلّم في كلّ يوم ذكرا جديدا
تعالوا إخوتي في الله لنعيش في كل يوم مع ذكر جديد نتعلمه، نحفظه و نطبقه.
الموضوع من ناحية المحتوى أعلم أنه مكرر و لكن أعتقد –و الله أعلم- أنه جديد من ناحية المنهجية المتبعة.
الطريقة المتبعة هي كالآتي:
في كل يوم أنقل إليكم ذكرا جديدا و ذلك ليتسن لأحدنا أن يحفظه فربما لو طرحت الأذكار كلها في موضوع واحد سيضجر القارئ للموضوع و ربما لا يتم القراءة أو أنه يقرئها دون أن يتسن له حفظها.
و ذلك تأسيا برسول الله صلى الله عليه و سلم حيث ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا". رواه البخاري
و هذا ما جاء في فتح الباري تفسيرا للحديث النبوي المذكور آنفا
قَوْله : ( كَانَ يَتَخَوَّلنَا )
بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَتَشْدِيد الْوَاو , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْخَائِل بِالْمُعْجَمَةِ هُوَ الْقَائِم الْمُتَعَهِّد لِلْمَالِ , يُقَال خَالَ الْمَال يَخُولهُ تَخَوُّلًا إِذَا تَعَهَّدَهُ وَأَصْلَحَهُ . وَالْمَعْنَى كَانَ يُرَاعِي الْأَوْقَات فِي تَذْكِيرنَا, وَلَا يَفْعَل ذَلِكَ كُلّ يَوْم لِئَلَّا نَمَلّ. وَالتَّخَوُّن بِالنُّونِ أَيْضًا يُقَال تَخَوَّنَ الشَّيْء إِذَا تَعَهَّدَهُ وَحَفِظَهُ , أَيْ : اِجْتَنَبَ الْخِيَانَة فِيهِ , كَمَا قِيلَ فِي تَحَنَّثَ وَتَأَثَّمَ وَنَظَائِرهمَا . وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَبَا عَمْرو بْن الْعَلَاء سَمِعَ الْأَعْمَش يُحَدِّث هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ : " يَتَخَوَّلنَا " بِاللَّامِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ بِالنُّونِ فَلَمْ يَرْجِع لِأَجْلِ الرِّوَايَة , وَكِلَا اللَّفْظَيْنِ جَائِز . وَحَكَى أَبُو عُبَيْد الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ عَنْ أَبِي عَمْرو الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُول : الصَّوَاب " يَتَحَوَّلنَا " بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة أَيْ : يَتَطَلَّب أَحْوَالنَا الَّتِي نَنْشَط فِيهَا لِلْمَوْعِظَةِ . قُلْت: وَالصَّوَاب مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَة الْأُولَى فَقَدْ رَوَاهُ مَنْصُور عَنْ أَبِي وَائِل كَرِوَايَةِ الْأَعْمَش , وَهُوَ فِي الْبَاب الْآتِي . وَإِذَا ثَبَتَتْ الرِّوَايَة وَصَحَّ الْمَعْنَى بَطَلَ الِاعْتِرَاض .
قَوْله : ( عَلَيْنَا )
أَيْ : السَّآمَة الطَّارِئَة عَلَيْنَا , أَوْ ضَمَّنَ السَّآمَة مَعْنَى الْمَشَقَّة فَعَدَّاهَا بِعَلَى , وَالصِّلَة مَحْذُوفَة وَالتَّقْدِير مِنْ الْمَوْعِظَة . وَيُسْتَفَاد مِنْ الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب تَرْك الْمُدَاوَمَة فِي الْجِدّ فِي الْعَمَل الصَّالِح خَشْيَة الْمَلَال , وَإِنْ كَانَتْ الْمُوَاظَبَة مَطْلُوبَة لَكِنَّهَا عَلَى قِسْمَيْنِ : إِمَّا كُلّ يَوْم مَعَ عَدَم التَّكَلُّف . وَإِمَّا يَوْمًا بَعْد يَوْم فَيَكُون يَوْم التَّرْك لِأَجْلِ الرَّاحَة لِيُقْبِل عَلَى الثَّانِي بِنَشَاطٍ , وَإِمَّا يَوْمًا فِي الْجُمُعَة , وَيَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال وَالْأَشْخَاص , وَالضَّابِط الْحَاجَة مَعَ مُرَاعَاة وُجُود النَّشَاط . وَاحْتَمَلَ عَمَل اِبْن مَسْعُود مِنْ اِسْتِدْلَاله أَنْ يَكُون اِقْتَدَى بِفِعْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فِي الْيَوْم الَّذِي عَيَّنَهُ , وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُون اِقْتَدَى بِمُجَرَّدِ التَّخَلُّل بَيْن الْعَمَل وَالتَّرْك الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالتَّخَوُّلِ , وَالثَّانِي أَظْهَر . وَأَخَذَ بَعْض الْعُلَمَاء مِنْ حَدِيث الْبَاب كَرَاهِيَة تَشْبِيه غَيْر الرَّوَاتِب بِالرَّوَاتِبِ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا فِي وَقْت مُعَيَّن دَائِمًا , وَجَاءَ عَنْ مَالِك مَا يُشْبِه ذَلِكَ .